من له الاستمرارية..الاسلوب ام الموضة في عالم الأزياء؟

الموضة بحد ذاتها هي عالم واسع وكبير جدا متعدد الاوجه والفئات ومن الصعب حصرها في عُجاله.

الازياء هي جمع زي في اللغة وهي الهيئة والمنظر وهنا نعني تحديدا بالزي وهو اللباس في عصرنا الحاضر.

تأمل في أوراق الأشجار والفراء والجلود، فترى انها امتدت من بداية الزمان.. بداية الإنسان.

الموضة والبشر متزامنان يسيران يداً بيد.

عند النظر إلى الموضة على أنها مسطرة، يصعب التقاء اطرافها. مصنفة حسب الجودة والتعقيد والحرفية والهيكلة الاجتماعية.

الأسلوب والنمط الشخصي هو الطريقة الوحيدة التي تذوب المسافة وتدمج النهايات وكل شيء بينها وتٌكيف النتيجة لترجمة الهوية على هيئة ملابس.

تشهد الموضة اليوم نموا في السرعة التي تتلاحق بها الاتجاهات الرائجة (التريندز) بعضها البعض، وتتخطى الزمن مثل مرحلة عابرة، لا تٌعطى المساحة لاستيعابها.

في مشهد الموضة المزدحم من المجموعات على منصات العروض إلى تجارب التسوق.

النمط والاسلوب ; على المستوى الشخصي هو حقا التمييز والمهارة المُترفة التي تفصل المرء عن الجماهير وتخلق انطباعا أبديا.. والتي مع ما يكفي من التميُز والغرابة.. يتحول إلى إرث.

الموضة والأسلوب هما كلمتان غالبا ما تقترنان معا، ولكنهما مختلفتان تماما.

قد أذهب بعيدا وأجرأ للقول بان "الأسلوب" بمعنى وكقيمة هي أكبر واهم من نظيرتها "الموضة" في هذه المعادلة!

مصممو الأزياء الأسطوريون والذين أعتبرهم مؤسسي اتجاهات مختلفة في الموضة الذين لا يزال تأثيرهم يشكل حاضرنا في الازياء ومناهجهم يتم تنفيذها من قبل خلفائهم المديرين الابداعيين. على الرغم من أن عقولهم المبدعة وأيديهم الماهرة خلقت الموضة، إلا أن كلماتهم البليغة فضلت الأسلوب.

قال إيف سان لوران ذات مرة "الموضة تتلاشى، والأسلوب أبدي. ".

كان إيف سان لوران خليفة السيد ديور واستكمل إرث الأزياء الراقية الذي كان مرغوب ومطلوب من العوائل الملكية بعد وفاته. تحت اسمه الخاص كان المصمم الذي مكن المرأة من خلال تصميم" لو سموكينق" في عام 1966، أول بدلة بنطال سهرة للنساء وبملامسة اطرافه للشوارع والمطاعم سبب صدمه واستياء جعل النساء اللواتي ارتدينها يمنعون خارجاً. وبهذا كان ولادة للاسلوب الاندروجني.

إنه أمر معبر للغاية عندما يفضل مصمم أزياء الاسلوب الشخصي على الموضة.

"المصمم ايف سان لوران وتصميمه "لو سموكينق"

ثال آخر وهذا المثال من قلب صحافة الموضة، ديانا فريلاند، المحررة الشهيرة وخبيرة الموضة التي تردد أصداء تأثيرها في الصحافة خلال جزء كبير من القرن العشرين. جَلست في الصف الأمامي لعروض الأزياء وأهمها من الأزياء الراقية إلى الملابس الجاهزة لعدة عقود من الزمان. اٌستعرضت لها مجموعات بعد مجموعات من الملابس.. من الموضة.. ومع ذلك، لا تزال ديانا تقول "يجب أن يكون لديك أسلوب. يساعدك على النزول من الدرج. يساعدك على الاستيقاظ في الصباح. إنها طريقة حياة.. بدونها، أنت لا أحد. أنا لا أتحدث عن الكثير من الملابس. "

المحرره ديانا فريلاند

بالنظر إلى بعض أبرز رموز الموضة في التاريخ مثل ليدي ديانا، لا يزال أسلوبها الشخصي ولحظات لافته لأزيائها تؤثر على الموضة اليوم.

فرد من الأسرة الحاكمة كانت تتواصل عن طريق اختياراتها للأزياء. عند تحليل أسلوبها، سنرى تباينا قويا في الألوان التي تعتمدها وبين البقية. غالبا ما اختارت الألوان والمطبوعات كما حولت بروش من الالماس الياقوتي إلى قلادة مؤطرهبسيور من اللؤلؤ البراق.

بجانب شعرها الأشقر القصير المميز الذي سيطر على الطلبات في الصالونات كصورة مرجعية، عاشت الليدي ديانا لحظات أزياء تحولت إلى ثقافة.

مثل فستان من تصميم كريستينا ستامبوليان الذي ارتدته عام 1994 باللون الأسود مكشوف الكتفين وينتهي طوله عند الفخذين. ارتجلت من السيارة ووشاح الشيفون من فستانها يطير خلفها كلحظه تمثلت فيها كسر قواعد اللباس الملكية. وقد أطلق عليه اسم فستان “الانتقام".

المصمم الذي صنفته موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر مصمم في العالم، أندريا بروكا استلهم من أميرة ويلز وقدم نسخته الخاصة من فستان الانتقام في عام 2021 باسم فستان "آشنا".

وفي منتصف التسعينات، استقلت ديانا عن حياتها الملكية وخرجت بأفضل إطلالاتها التي تدل حقا على أسلوبها الشخصي الذي وَضح بعد حريتها المطلقة وتَرمزَ في أسلوبها.

قبعة بيسبول، سترة برسمات كبيرة الحجم، جاكيت بأكتاف مبطنة، بنطال جينز وحذاء رعاة البقر من الجلد البني.

شورت ركوب الدراجات والسترات الكبيرة، نظارات شمسية وحقيبة غوتشي الأيقونية المصنوعة مسكتها من خشب البامبو..مُتجهة بهذه الإطلالة الى صالة الألعاب الرياضية.

خيارات أسلوبها مؤثرة بشكل لا يصدق وسابقة لعصرها بحيث تم إعادة خلق هذه الإطلالات لعدد سبتمبر من مجلة فوق باريس، 2019 و هو العدد الاهم في العام. ولم تكن فقط اعادة خلق، ولكن اعادة احياء لشخصية وطابع الليدي ديانا في اللباس...و في الاسلوب من قبل عارضة الازياء هايلي بيبر التي جسدتها باتقان.

فستان ازرق داكن، طويل و حريري مزينه اطرافه بالدانتيل من توقيع كريستيان ديور و من تصميم جون غاليانو ، ارتدته في حفل Met Gala لعام 1996 ، تحت عنوان كريستيان ديور.

نسلط الضوء على ملك البوب.. مايكل جاكسون أيقونة في الأسلوب الشخصي وشخصية خالدة في عالم الموسيقى والازياء. لقد أثر ولا يزال يؤثر على الموضة اليوم ومهد الطريق أمام المطربين والفنانين الحاليين لجعل أسلوبهم المميز جزءا من عرضهم وتميزيهم. فقد جعل قطعة من الملابس مرتبطة بحركة من رقصه الايقوني او إيماءة من يده.. فمن الصعب رؤية قفازات بيضاء متلألئة دون اقترانها لصورة لجاكسون وهو يخفض قبعته على خشبة المسرح. السترات العسكرية المزينة والمشكوكة بشكل معقد هي أيضا جزء من اسلوبه المعروف.

لقد حاكى كلاً من بيونسيه وكانيه ويست و بريتني سبيرز وريهانا وغيرهم أسلوبه تكريما له واحياءاً لذكراه عدة مرات.

ديفيد بويي.. أطلق عليه لقب " الرجل الافضل ارتداءاً للملابس في التاريخ البريطاني" في عام 2013 من قبل لجنة من خبراء الموضة في تاريخ بي بي سي. من خلال شعره الأحمر ووضعه لماكياج المسرح الملون. كان أسلوبه وحسه للموضه اشبه بالطفرة الجينية في عالم الازياء..كان ولا يزال بوي متفردا ولا مثيل له.

ابتكر لنفسه إرثا صممه وتخيله بنفسه من خلال البدلات الملونة وأرواب الكيمونو والسراويل المطوية والبدلات الاستثنائية.

ألهم البعض من مصممين الازياء مثل جان بول غوتييه الذي أخذ من أسلوب بويي  كمرجه له في مجموعته للملابس الجاهزة لربيع عام 2013.

توضح هذه الأمثلة لأيقونات الأسلوب الشخصي في اللبس أن النمط المميز الذي يترجم الشخصية بشكل مثالي يمكن أن يحول الفرد إلى علامة تجارية بحد ذاته. يشار إليها ويعاد تفسيرها تبجيلا. تتحدى تغيرات الزمن وتقلبات الموضة من خلال الوقوف ثابتاً في إرث الاسلوب.

بالنسبة للأزياء بشكل عام، فإن الأسلوب هو العمود الفقري ونظام الاختيار الطبيعي. حيث ينجذب الأفراد الذين لديهم حس ملحوظ إلى مصممين محددين وملابس وقطع تتحدث إليهم على مستوى أعمق يتجاوز الاتجاهات الرائجة وما يعتبر عصريا. يرتدون الملابس للإعلان عن هويتهم للعالم أو تعزيز ثقتهم بأنفسهم من خلال لبسهم ما يعجبهم وما يشعرون بالراحة فيه.

الأسلوب هو التعرف على نفسك من خلال استخدام الموضة للتحدث نيابة عنك..بالحدود الظليلة والقصات والألوان...كثرتها او عدمها.

الأسلوب هو أحد الجذور الرئيسية للاستدامة، وهو هدف اجتماعي يتم الحث للعمل به عبر الصناعات. في صناعة الأزياء، النمط والاسلوب الشخصي هو بوصلة الأزياء الفردية التي تؤدي إلى تنظيم الشراء، والتنظيم بحد ذاته يؤدي إلى التقنين والتقنين يساهم إلى تقليل الهدر وزيادة القيمة من خلال التعلق العاطفي وتمييز الجودة.

الأسلوب والطابع الشخصي هو ما يميزك في كل موسم وكل عقد من الزمان.

Nora B Nora.